ولا بد أن نُعِّرج عَلَى الذين يغضون من قدر نبوته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ بل يطعنون في نبوته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، شعروا بذلك أو لم يشعروا، وإن كَانَ زعماؤهم ومؤسسوهم يشعرون بلا شك: وهم الذين يتنقصون ويحطون من قدر أصحاب وزوجات النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويحطون من قدر علماء الإسلام الذين تعلموا العلم عن مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ورجال الإسلام وقادته الذين تلقوا عن مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فالذين يحطون من قدر هَؤُلاءِ: يطعنون في نبوته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ولبيان ذلك أضرب لكم مثلاً بسيطاً: لو أن أحدنا يعرف في البلدة مائة وعشرين رجلاً، فجاء رجل وقَالَ: إن المائة والعشرين هَؤُلاءِ أنا أعرفهم ليس فيهم إلا أربعة أشخاص طيبين والبقية مجرمون، كاذبون غشاشون، فاجرون، ظالمون، أيكون هذا الإِنسَان ثقة؟ أيكون أميناً أو طاهراً؟
ثُمَّ هَؤُلاءِ الأربعة ليسوا من المقربين عنده، لكن المقربين الممكَّنين منه الذين صُحْبَتُهمْ معه ليلاً ونهاراً هم أكبر المجرمين، والغشاشين والفجرة فكيف سيكون هو إلا مجرماً وغشاشاً فاجراً كذاباً وهذا شيء معروف.
وأيضاً أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عددهم (120) ألفاً، وليس (120) شخصاً، وكم الذين آمنوا منهم ولم يرتدوا عَلَى حسب زعم الرافضة؟
أربعة فقط! من الـ120 ألف لا يوجد إلا أربعة لم يرتدوا، والبقية مرتدون وخائنون وماكرون ومتآمرون، وعلى من تآمروا؟
عَلَى ابنته، وزوج بنته صلّى الله عليه وعلى أهل بيته وسلم!
فهذا غاية الفجور والخيانة، إذاً فالرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يعمل شيئاً، ولم يغير من حياة هَؤُلاءِ البشر، ولم يحدث شيئاً من التربية.
وإذا كَانَ أكبر هَؤُلاءِ الظلمة الغشاشين من الـ120 ألف هم: اللذان كانا معه ليلاً ونهاراً لا يفارقانه أبُو بَكْرٍ وعُمَر، فإذا كَانَ هذان أكبر السفاحين، والظلمة، في نظر هَؤُلاءِ النَّاس المجرمين، فماذا يكون هذا النبي؟
إذاً.. فالجاهلية كانت أحسن من هذا النبي -والعياذ بالله- هذا هو حقيقة ما تقوله الرافضة، وكل إنسان يفكر في هذا منهم أو من غيرهم يجد هذه الحقيقة، إذا كَانَ بهذا الشكل فالجاهلية أحسن، قريش كانت تعادي الإسلام عداوةً واضحة، أما اثنان يعيشان معه ويظهران أنهما متدينان بدينه ومتمسكان به ووزراء وأتباع له، وبقيه الـ120 ألف كلهم أتباع له، ويحاربون معه، ويمشون معه، ويعملون كل شيء معه، فلما مات انقضوا عَلَى دينه يحرفون الكتاب الذي جَاءَ به، ويقومون عَلَى أهل بيته، ويأخذون حقوقهم ويهدروها، وينقضون العهد الذي أخذه عليهم في غدير خُمّ، أن الخليفة من بعده هو ابن عمه وزوج بنته فلان!
هذا النبي لا يسمى نبياً وعبقرياً حتى عصابات المافيا لا تعمل هذا العمل والعياذ بالله.
ثُمَّ لو كَانَ عدد المافيا 120 ألف مجرم، والذين عندهم إنسانية أربعة أشخاص، أي: نسبة واحد إِلَى ثلاثين ألف، ألا يوجد أحد عنده إنسانية يخاف الله يقول: هذا الرسول، كيف تضربون ابنته وتأخذون الخلافة من ابن عمه وقد عاهدكم وعاهدتموه؟!
وهَؤُلاءِ الصحابة الأربعة لا يوجد فيهم أحد يتحرك قلبه فَيَقُولُ: يا أبا بكر يا عُمَر اتقوا الله!
ثُمَّ أنت يا صاحب الشأن أين الشجاعة التي ربَّاك عليها مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
إذا كَانَ رباك عَلَى الشجاعة، أما تقول: يا أبا بكر هذا حقي لِمَ أخذته؟ ثُمَّ زوجت عمر بن الخطاب من ابنتك، وهو الذي ظلمك وفعل وفعل، وزوجته ابنتك بنت فاطمة بنت مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو فاعل هذه الأفاعيل، وتسكت ولا تطالب بحقك قبل أن يموتوا؟!
فأي إنسان عنده عقل يجد أن هَؤُلاءِ الرافضة على أفجر دين وأخبثه،
وأن هَؤُلاءِ غاية كلامهم وغاية دينهم ليس مجرد أن الحق مع فلان أو فلان أو الإيثار والانتقام لزيد، لا. إنما أساس دينهم الحط من هذا الدين بهدم نبوة مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليقول الناس: إن هذا ما ربى إلا هَؤُلاءِ الكذابين الخونة فيقيسوه عليهم -والعياذ بالله- هذا هو مقتضى كلامهم عند أي عاقل من العقلاء فلو أن رجلاً أراد أن يؤمن أو يدعو إِلَى دين مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخذ يقرأ حياته فلم يقع في يده إلا كتاب من كتب أصحاب هذه الملة فبالله عليكم أي فكرة يأخذها عن رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بغض النظر عن الصحابة؟! هل تكون فكرة الإِنسَان النموذج العالي الكامل الذي ربى أصحابه عَلَى أن يعملوا لله، ويتجردوا من الدنيا وملذاتها وشهواتها؟!
لا يكون هذا.
أبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وعُمَر وعثمان والصحابة كلهم كيف كانت نظرتهم للدنيا؟
وكيف كانت نظرتهم للموت؟
انظر إِلَى التابعين، وأتباع التابعين، بل انظر إِلَى البقايا. الآن نَحْنُ في القرن الخامس عشر انظروا إِلَى علماء الإسلام الذين يتأسون بأصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كيف يعيشون؟
هل يتهافتون عَلَى الدنيا ويتكالبون عَلَى الحطام؟ أو يغشون ويتكسبون بهذا الدين؟
هل يريدون لأبنائهم من بعدهم أن يكونوا فوق العالمين؟
أي عالم من علماء الإسلام يتأسى بأصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ إذا رأيناه نرى فيه الأسوة والقدوة والورع والخلق، فبالله عليكم كيف بمن قبل خمسة عشر قرناً؟!
إذا كَانَ هَؤُلاءِ تربوا عَلَى الكتب، فكيف بالذين تربوا تربية مباشرة عَلَى يد مُحَمَّد بن عبد الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كيف يظن فيهم هذه الظنون الكاذبة؟!